responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 22  صفحه : 122
فَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ طَلَبُوا آيَةً جَلِيَّةً لَا يَتَطَرَّقُ إِلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ كَالْآيَاتِ الْمَنْقُولَةِ عَنْ مُوسَى وَعِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، ثُمَّ إِنَّ اللَّه تَعَالَى بَدَأَ بِالْجَوَابِ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ الْأَخِيرِ بِقَوْلِهِ: مَا آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ فِي الْعُتُوِّ أَشَدُّ مِنَ الَّذِينَ اقْتَرَحُوا عَلَى أَنْبِيَائِهِمُ الْآيَاتِ وَعَهِدُوا أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ عِنْدَهَا فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ نَكَثُوا وَخَالَفُوا، فَأَهْلَكَهُمُ اللَّه، فَلَوْ أَعْطَيْنَاهُمْ مَا يَقْتَرِحُونَ لَكَانُوا أَشَدَّ نَكْثًا. قَالَ الْحَسَنُ رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى:
إِنَّهُمْ لَمْ يُجَابُوا لِأَنَّ حُكْمَ اللَّه تَعَالَى أَنَّ مَنْ كَذَّبَ بَعْدَ الْإِجَابَةِ إِلَى مَا اقْتَرَحَهُ مِنَ الْآيَاتِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَنْزِلَ بِهِ عَذَابُ الِاسْتِئْصَالِ وَقَدْ مَضَى حُكْمُهُ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خاصة بخلافه فلذلك لم يجبهم.

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 7 الى 10]
وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (7) وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لَا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَما كانُوا خالِدِينَ (8) ثُمَّ صَدَقْناهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْناهُمْ وَمَنْ نَشاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ (9) لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ (10)
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى أَجَابَ عَنْ سُؤَالِهِمُ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلِهِمْ: مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ [الْمُؤْمِنُونَ: 33] بِقَوْلِهِ:
وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَبَيَّنَ أَنَّ هَذِهِ عَادَةُ اللَّه تَعَالَى فِي الرُّسُلِ مِنْ قَبْلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ مِنْ كَوْنِهِمْ رُسُلًا لِلْآيَاتِ الَّتِي ظَهَرَتْ عَلَيْهِمْ فَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ فِيهِمْ فَقَدْ ظَهَرَ عَلَى مُحَمَّدٍ مِثْلُ آيَاتِهِمْ فَلَا مَقَالَ عَلَيْهِ فِي كَوْنِهِ بَشَرًا فَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ فَالْمَعْنَى أَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَهُمْ أَنْ يَسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ وَهُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ حَتَّى يُعْلِمُوهُمْ أَنَّ رُسُلَ اللَّه الْمُوحَى إِلَيْهِمْ كَانُوا بَشَرًا وَلَمْ يَكُونُوا مَلَائِكَةً، وَإِنَّمَا أَحَالَهُمْ عَلَى هَؤُلَاءِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُتَابِعُونَ الْمُشْرِكِينَ فِي مُعَادَاةِ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَعَالَى: وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً [آلِ عِمْرَانَ: 186] فَإِنْ قِيلَ إِذَا لَمْ يُوثَقُ بِالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِأَنْ يَسْأَلُوهُمْ عَنِ الرُّسُلِ قُلْنَا: إِذَا تَوَاتَرَ خَبَرُهُمْ وَبَلَغَ حَدَّ الضَّرُورَةِ جَازَ ذَلِكَ، كَمَا قَدْ يُعْمَلُ بِخَبَرِ الْكُفَّارِ إِذَا تَوَاتَرَ، مِثْلَ مَا يُعْمَلُ بِخَبَرِ الْمُؤْمِنِينَ. وَمِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ: الْمُرَادُ بِأَهْلِ الذِّكْرِ أَهْلُ الْقُرْآنِ وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّهُمْ كَانُوا طَاعِنِينَ فِي الْقُرْآنِ وَفِي الرَّسُولِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَّا تَعَلُّقُ كَثِيرٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي أَنَّ لِلْعَامِّيِّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى فُتْيَا الْعُلَمَاءِ وَفِي أَنَّ لِلْمُجْتَهِدِ أَنْ يَأْخُذَ بِقَوْلِ مُجْتَهِدٍ آخَرَ فَبَعِيدٌ لِأَنَّ هذه الآية خطاب مشافهة وهي واردة في هذه الْوَاقِعَةِ الْمَخْصُوصَةِ وَمُتَعَلِّقَةٌ بِالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى عَلَى التَّعْيِينِ. ثُمَّ بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّهُ لَمْ يَجْعَلِ الرُّسُلَ قَبْلَهُ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَفِيهِ أَبْحَاثٌ:
الْبَحْثُ الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: لَا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ صِفَةُ جَسَدٍ وَالْمَعْنَى وَمَا جَعَلْنَا الْأَنْبِيَاءَ ذَوِي جَسَدٍ غَيْرَ طَاعِمِينَ.
الْبَحْثُ الثَّانِي: وَحَّدَ الْجَسَدَ لِإِرَادَةِ الْجِنْسِ كَأَنَّهُ قَالَ ذَوِي ضَرْبٍ مِنَ الْأَجْسَادِ.
الْبَحْثُ الثَّالِثُ: أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً [الْفُرْقَانِ: 7] فأجاب اللَّه بقوله: وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لَا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ فَبَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ هَذِهِ عَادَةُ اللَّه فِي الرُّسُلِ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ بَلْ جَسَدًا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَلَا يَخْلُدُونَ فِي الدُّنْيَا بَلْ يَمُوتُونَ كَغَيْرِهِمْ، وَنَبَّهَ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الَّذِي صَارُوا بِهِ رُسُلًا غَيْرُ ذَلِكَ وَهُوَ ظُهُورُ الْمُعْجِزَاتِ عَلَى أَيْدِيهِمْ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 22  صفحه : 122
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست